اعط هذا المخرج مكانًا مغلقًا وسيمنحك حكاية مكتوبة بعناية، تقوم على رسم حاذق لشخصيات توضع في مأزق غير متوقع. وقع جمهور مهرجان الجونة السينمائي في غرام فيلم المخرج غوستاف مولر السابق “المُذنب” عن ضابط يتلقى مكالمات طوارئ فيخوض مغامرة كاملة من موقع أمام شاشة حاسب آلي، وها هو يعود للمهرجان بقصة جديدة تدور في عالم مُغلق يحاصر البشر هو السجن. النجمة الدنماركية الحاصلة على جائزة بافتا سيدسه بابيت كنودسين تجسد شخصية إيفا، حارسة مثالية في سجن للرجال، تضطرب حياتها المستقرة عندما يُنقل إلى السجن نزيل شاب، عنيف يخشى الجميع ردود أفعاله، لكنها تمتلك مشاعرًا عاصفة تجاهه، بسبب فعل اقترفه في الماضي يجعل علاقتها به أعقد من مجرد سجّانة ونزيل. فهل تُحافظ إيفا على انضباطها المهني الذي يشهد به الجميع؟ أن تجد نفسها تنزلق في اختيارات تنبع من الحقد لا من القانون؟ هل يُمكن لإنسان أن يحافظ على إيمانه بالعدالة لو انتُزعت منه رفاهية الوقوف على الحياد؟ هل ارتكاب الجرائم خارج السجن يُبرر التعرض للتنكيل داخله؟ وما هو الحد الفاصل بين الجريمة وما دونها؟ فإذا امتلك طرف معرفة بالقانون تجعله قادرًا على عقاب مجرمٍ دون أن يتورط في مخالفة قانونية، هل تظل ثنائية المجرم والبريء ذاتها؟ تساؤلات فلسفية يطرحها الفيلم حول الإدانة والبراءة، الجريمة والعقاب، والأهم: حول مفهوم الأمومة، هل هي بالفعل حبٌ غير مشروط؟ هل تنشأ فقط لأسباب بيولوجية، أم هي شعور قد ينبع بالممارسة، في ظروف مستحيلة أحيانا؟ اختير فيلم “أبناء” للتنافس في المسابقة الدولية لمهرجان برلين السينمائي، ونال جائزة طائر النار الذهبي من مهرجان هونغ كونغ السينمائي. أحمد شوقي