دوغلاس (كايلب لاندري جونز)، كائن معذّب عاملته الحياة بظلم وقسوة. ألقى به والده المختل إلى الكلاب عندما كان طفلًا، بعد اعترافه بأنه يفضّل صحبة الحيوانات على العائلة التي لم يرَ من أفرادها أي خير. ظل دوغلاس في القفص إلى أن استطاع الهروب منه ذات يوم. لكن، هل يمكن الهروب من ذكريات الماضي الأليمة، خصوصًا أنها تركت على جسده آثارًا لا تُمحى؟   هذا الشاب المصاب بتروما، مصمم على الانتقام لحياته الماضية، في عالم يشعره بالغربة ويعيش على هامشه. أما خلاصه الشخصي، فيجده في صداقة الكلاب التي ستمدّه بالحبّ والحنان وستضع نفسها في خدمته. في حين أن الاستعراضات الفنية التي سيقدّمها متنفّسه الوحيد لتقبّل نفسه على ما هي عليه.  قورن الفيلم بـ”الجوكر” لتود فيليبس، عند عرضه في مهرجان البندقية، نظرًا إلى التشابه بين الشخصيتين، فكلتاهما ليستا شريرتين بل ضحيتان تصفيان حسابهما مع المجتمع، وفي داخلهما الكثير من الغضب الذي يحاولان السطيرة عليه قدر المستطاع. يسعى لوك بيسون إلى أن يجعل من دوغلاس رمزًا لهذا الغضب ضد المجتمع وهو غضب يكبر في داخل الإنسان ويتحوّل لهيبًا، فيصوره المخرج بذكاء سينمائي ويد ممدودة. لا يخلو الفيلم من عنف وقسوة، إلا أن الرقّة التي فيه تنتصر في الأخير، لأنها تُعامل كينبوع لا يجف ويمكن الارتواء منه إلى ما لا نهاية، على نقيض العنف الذي يصطدم بجدار. هذا فيلم عن الحبّ وعن النتائج المترتبة على غيابه في حياة الإنسان؛ غياب يرسمه مخرج “الأزرق الكبير” براديكالية لا تحسب حسابًا لخط الرجعة.  “دوغمان” أجمل أفلام بيسون منذ زمن طويل. عمل شخصي جدًا، تكريس لفلسفة المخرج نفسه ومفادها أن “الفنّ والحبّ وحدهما قادران على إنقاذ الإنسان”.  هوفيك حبشيان