مسابقة اﻷفلام الروائية الطويلة | فرنسا-إيطاليا-بلجيكا-سويسرا | الفرنسية والإيطالية، مترجم للعربية | 92 د
دراما أسرية تعيدنا إلى ما يُعرف ب”سنوات الرصاص” في إيطاليا، بأسلوب يذكّر بعض الشيء بالأفلام السياسية
التي سادت في السبعينات. تلك الحقبة تميزت بالتوتر السياسي والإرهاب. أفلام عدة انكبت على هذه الأزمة
التي خضّت بلداً توغّلت المافيا في كل مفاصله. فيلم المخرجة الإيطالية أنّاريتا زامبرانو الذي عُرض في
الدورة الأخيرة من مهرجان كانّ السينمائي )قسم“نظرة ما”(،
يهتم بتداعيات تلك الحقبة في النفوس والسلوك. نصّ زامبرانو ينطلق من معطى واقعي: الإرهابيون
القدامى ومناضلو اليسار المتطرف الذين وجدوا في فرنسا ملاذً لهم في مطلع الثمانينات، بعدما تعهد الرئيس
فرنسوا ميتران بعدم التعرّض اليهم رغم أنهم أدينوا في المحاكم. ماركو )جوسيبي باتيستون( من هؤلاء. بعد
ادانته في جريمة قتل، لجأ إلى باريس حيث باتت له حياة جديدة كاملة التفاصيل. إلا أن عملية اغتيال قاضٍ
تعيد وضعه في دائرة الإتهام، فيضطر للجوء إلى الغابات برفقة ابنته فيولا محاولاً اثبات براءته، ومخططاً
الانتقال إلى أميركا اللاتينية.
منذ نشوء الفكرة، استغرق إنجاز الفيلم سبع سنوات. الشخصيات رُسمت بدقة، ذلك أنّ المخرجة لم تستطع
أن تفهم طوال فترة وجودها في بارس تلك الرومنطيقية المحاطة بالإرهابيين الإيطاليين المقيمين في العاصمة
الفرنسية. من الغضب هذا، ولد فيلمها الذي يُظهر أن هؤلاء دمّروا حياتهم وحياة الآخرين، انطلاقاً من
المنطق السياسي البائد المتغلغل في عقل ماركو. أفكاره في تناقض مع النتائج التي خلصت اليها أفعاله. كأنه
يعيش في ما لا يريد انكاره، إلا أن تعاقب الأحداث يتيح له المجال للتعليق عليها. الفيلم في جزء كبير منه
يقوم على تعرية “فلسفته” وكشف مضامين عقله، من خلال نصّ يقفز بنا بين الحيزين العام والخاص.
أنّاريتا زامبرانو.. مخرجة وكاتبة سيناريو إيطالية. عاشت وعملت في فرنسا وأخرجت فيها أفلاماً قصيرة عدة نالت جوائز، سواء في برلين أو البندقية أو كانّ. فيلمها القصير “أوفيليا” ) 2013 ( عُرض في “اسبوع النقاد” حيث نالت جائزة. تيمة المراهقة تتكرر في نصوصها. “مابعد الحرب” هو باكورتها الروائية الطويلة الأولى، وقد صوّرتها بين إيطاليا ومنطقة ليه لاند الفرنسية. بالنسبة إليها هذا فيلم “استعارة لإيطاليا”. لا تخفي زامبرانو اعجابها بسينما المخرج الإيطالي الكبير إليو بتري )- 1929 1982 (.
تواصل معنا
