مسابقة اﻷفلام الروائية الطويلة | روسيا | الروسية، مترجم للعربية | 116 د
«لا تُصدر حكماً على ليلِ أحدهم ما لم تعرف ما جرى له في نهاره ».. عبارة مناسبة لوصف حياة المُسعف أوليج )الكسندر ياتشينكو في دور متوّج بجائزة التمثيل من مهرجان كارلوفي فاري(. السكير الأخرق الذي يفعل ليلاً كل شيء يحيل حياة زوجته طبيبة الطوارئ كاتيا )إيرينا غورباتشيفا جحيماً. لكن متابعة يوميات أوليج وعمله داخل نظام صحي بيروقراطي، صحة الأوراق فيه أهم من حياة المرضى، يجعلنا نفهم الشكل المعقد لحياته مع كاتيا، التي تتقافز بين الحب والكراهية.. الحاجة والسخط.. موجات انقباضية وانبساطية لا تهدأ ولا تنتظم كقلب مُصاب بالأرثميا )اضطراب الضربات(.
المخرج بوريس خليبنيكوف يجيد رسم خريطة لمشاعر المشاهدين تحددها الدراما، ليتعدل الرأي في أفعال أوليج كلما تعمقنا فيما يقابله يومياً في ساعات العمل. الفساد الإداري يجعل مهنة المسعف هي التلاعب مع الموت والتنصل منه يومياً. عندما تصير حياة البشر مهما كانت حالتهم إلى مجرد فعل اعتيادي، لا تكترث الإدارة الصحية لإنقاذه قدر اهتمامها بإنهاء اليوم دون التورط في خطأ يستحق العقاب، فلابد أن يقود ذلك من يعمل داخل النظام الصحي إلى الجنون. «ليس من المهم أن تنقذ حياة المريض، المهم ألا يموت داخل ورديتك » يقولها مدير وحدة الإسعاف صراحة لأوليج، وعلى الرجل أن يضع إنسانيته وخبرته جانباً كي ينفذ الأوامر. ألا يقود هذا رأساً للجنون؟.
لكن أجمل ما في «أرثميا » إنه ليس فيلماً عن فساد النظام الصحي الروسي رغم تشبعه بكافة تفاصيل الأمر، وإنما هو فيلم عن الحب بصورته الأولية. الحب الذي ينشأ في أصعب الظروف، ويواجه أقسى الانعطافات والتحديات حتى يؤمن الجميع باستحالة استمراره، ليعود ويطفو على السطح ليخبرنا أنه لا قيمة لعشق لا يُنقذ المرء من كوارث يومه.
بوريس خليبنيكوف وُلد في العاصمة الروسية )السوفيتية آنذاك( موسكو يوم 28 أغسطس 1972 . كتب وأخرج فيلمه الأول «طرق إلى كوكتيبل 2003 - » وهو بحدود الثلاثين من العمر، لينال جائزة لجنة التحكيم الخاصة لمهرجان موسكو وجائزة فيليب موريس من مهرجان كارلوفي فاري. استمر خليبنيكوف بعدها في العمل باستمرار فقدم ستة أفلام خلال 14 سنة، تم اختيار معظمها للمشاركة في المهرجانات الكبرى، فعُرض «طفو حر 2006 - » و »سحق 2008 - » في مهرجان فينيسيا، واختير «مساعدة تتحول جنوناً 2009 - » و »حياة طويلة سعيدة 2013 - » لمهرجان برلين السينمائي، والأخير نال تنويهاً خاصاً من مهرجان شيكاغو. «أرثميا » هو سابع أفلامه الطويلة.
تواصل معنا
