مسابقة اﻷفلام الروائية الطويلة | اليابان | اليابانية، مترجم للعربية | 124 د
يُغير المخرج المرهف والمميز هيروكازو كوري- إيدا وجهته السينمائية ليُقدم في جديده «جريمة القتل الثالثة » حكاية مُحكمة ومصنوعة بدقّة ومهارة حول جناية مقرونة بتأمل متعدد المستويات للحالة البشرية. يأخذ المعلّم الياباني ما يبدو أنه دراما بسيطة حول جنحة قتل عادية، محولاً وقائعها الكثيرة وملابساتها المتداخلة والمثيرة للإهتمام الى استقصاءات معمقة للذنب، الذي يتعقد بسبب خيانات تقليدية تحدث عادة بين أيّ محامي وموكله، مثلما تذهب تداعياتها الأخرى الى ما هو أبعد من الشاشة الكبيرة والتي تهز نتائجها مفهوم عقوبة الإعدام، وتحرض مشاهد هذا النصّ على التفكير في معنى البراءة ذاتها أو ما يقف في طريقها.
منذ البداية، لا غموض حول مَنْ إرتكب الجريمة. يعترف ميسومي تاكاشي )الممثل كوجي ياكوشو( الذي أمضى بالفعل 30 عاماً خلف القضبان بتهمة إقترافه جريمة مزدوجة سابقة، بقتله رئيسه السابق. من جانبه، لن يُبدي محامي الدفاع شيجيموري )فوكوياما ماساهارو( إهتماماً حقيقياً بالتدخلات الشخصية
وشؤونها، فما يعنيّه تحديداً هو إظهار قدراته في التلاعب على القانون بطريقة تجعله يشعر كما لو أنه فاز بمباراة ما. المشكلة أن ميسومي يواصل تغيير قصته، ومع إزدياد عدد الشخصيات المتورّطة بالقضية من واحد إلى ثلاثة، فإن مدلول الإثم والإستفادة من الظروف التخفيفية تصبح تحت طائلة الشك. يضع المخرج مشاهد المرافعات القانونية وتداخلاتها التي تم تصويرها بطريقة أخاذة عبر العازل الزجاجي الفاصل بين السجناء وزائريهم، في موقع حقيقي يؤكد بوضوح إصرار كوري إيدا على مقاربة الطبيعة البشرية أكثر من المناوشات الناريّة التي تشهدها قاعة المحكمة.
يعد المخرج الياباني والكاتب هيروكازو كوري-إيدا، منذ تقديمه شريطه الهام «بعد الحياة 1988(» (، أحد الأقطاب الرئيسين لسينما ذات نهج إنساني معمق. قارب في أعماله الأساسية مثل؛ «لا أحد يعرف 2004(» ( و »سر الإبن على أبيه 2013(» (، مفهوم الأسرة، متعمقاً في المفاهيم الدقيقة التي تتحكم بحيوية العلاقة بين الأبناء وأهاليهم ومهارات التفاهم بين الطرفين. حاز المخرج على عدد كبير من جوائز مهرجانات سينمائية دولية حيث يعتبر تواجده وأفلامه أحد أعمدة برمجاتها، وأصبحت له لمسة يمكن التعرف عليها كنقطة مرجعية ذات تأثير حاسم على قطاع واسع من المخرجين العاملين في السينما اليوم.
تواصل معنا
