مسابقة اﻷفلام الوثائقية الطويلة | سويسرا | العربية | 78 د
بتأنِ حصيف، يوثّق الجزائري كريم صيّاد يوميات سينمائية لسكان حي «باب الواد » في العاصمة الصاخبة صيف عام 2016 حيث الحياة أشبة بمعركة ضروس ودائمة. وبينما تحتشد الشوارع بالفوضى والحيوية والنكد اليومي، يكشف المخرج الشاب عن نزالات أخرى أبطالها أكباش ورهانات وحماسات تنافس وشباب متزاحم على مِلء فراغ حياتي ثقيل وإستكفاء رغبات مقطوعة وتحقيق أمنيات ب »الحرقة » )الهجرة الى أوروبا(، فيما تكون آخر همومهم ما يتعلق بتحصيل علمي أو نيل شهادات مهارة أوالتخطيط لعمل ثابت.. وغيرها.
أنه عالم ذكوري وصدامي، يعيش لحظاته ويناكف خياراته بحدّة، فالفرص شبه معدومة، ولا سبيل أُخر سوى «خطف » الحظوظ ، وتمرير صفقات سريعة بربح ما. هكذا نقابل الفتى حبيب حلفايا البالغ من العمر ستة عشر ربيعًا الحالم بأن يصبح يوما ما طبيباً بيطريّاً، لكن طالعه يعانده في القبول بمعهد دراسي متخصص. بدلا من ذلك، يشتري كبشاً يطلق عليه إسم «البوق »، ويعده للمشاركة في منافسات نطح. أما سمير مفلاح ) 42عاما( فلم يعد لديه أيّ أحلام باستثناء كسب ما يكفي من المال للتغلب على مصاعب حياة يومية متقشفة عن طريق بيع الخراف.
هذان مساران منفصلان يتعقبهما المخرج صيّاد بالتوازي، مستعرضاً حيوات بشرهما من دون أحكام مفتعلة. ذلك أن ضغوط الحياة لا تُرتسم هنا وكأنها قدر مأساوي بل يُشار اليها كإنذارات لمخاطر سياسية حقيقية، إذ نسمع عبر الراديو ساسة البلاد وهم يشيرون الى أزمة إقتصادية بسبب تهاوي أسعار النفط، أو يعلقون بسخرية حول ما يسمى بالربيع العربي. إن الموار السياسي يتجسّد عند المخرج صيّاد برجولة جماعية خائبة لا تنتج ولا مغيث لها. عليه، تكون خسارة حبيب لرهانه على كبشه «الجبان » تورية فاضحة وصادمة.
وُلد كريم صيّاد في لوزان عام 1984 من أب جزائري وأم سويسريّة. قرّر صيّاد العمل في صناعة الأفلام الوثائقية بعد نيله درجة الماجستير في العلاقات الدولية من المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية في جنيف. شارك أول أفلامه «قطار كازانوفا 2015(» ( في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية، منها مهرجان كليرمون فيران الدولي للأفلام القصيرة، وحاز الفيلم على جوائز من مهرجان لشبونة للأفلام الوثائقية )دوك ليسبوا(، ومهرجان الشعوب الدولي للأفلام الوثائقية )فيستيفال دي بوبل( في فلورنسا، إيطاليا.
تواصل معنا
