عبر مزج عدة نوعيات سينمائية، تنطلق المخرجة والمؤلفة إيلاريا بوريللي في رحلة لتجسد معاناة طفلة أنضجها مجتمع قاس غير مبال قبل الأوان. نحن إزاء فيلم بلوغ أو مراهقة، لكنه ليس فيلم بلوغ تقليديًا، حيث لا ينشغل بقضايا المراهقة مثل غيره، بل يدفع إلى مقدمة الأحداث، والشاشة، بطفلة حُرمت حتى من أن تعيش مشكلات المراهقة،  واُختصر شريط حياتها بطريقة مخلة من قِبل من أرادوا لها أن تكون “امرأة” تمر بما لا تطيقه وما لم تستعد بعد لمواجهته، بينما يُفترض أن تواصل دراستها و”تلهو” مثل من هن في عمرها. نحن أيضًا إزاء فيلم طريق، حيث نتابع رحلة الطفلة للهروب من واقعها المرير والبحث عن أبيها / الأمل / الخلاص بصحبة معزتها في صحراء مترامية الأطراف ليست أكثر حنوًا عليها، وأجادت بوريللي التعبير عنها في صورة سينمائية مناسبة ومؤثرة تعكس تميز مدير تصوير ديفيد فلاستيس، سواء في حركة الكاميرا أو في الإضاءة، علما بأن ذلك a سهلًا في عمل تم تصويره بالكامل خارجيًا في مواقع حقيقية، ولا يعرف تسهيلات التصوير في البلاتوهات. مزجت المخرجة تلك الخيارات السينمائية مع لمسة أسطورية تليق بأحلام فتاة في الثانية عشرة، وتليق أيضًا بأجواء الصحراء والأفق اللانهائي والسماء المفتوحة، وإن كان الفيلم خارج أي مكان أو زمان معروف، وهذا مقصود لأن ملايين الصغيرات يتعرضن لنفس المعاناة في كل مكان حول العالم. استطاعت بوريللي أن تقود فريقًا كبيرًا متعدد الجنسيات من الفنيين والتقنيين والممثلين في مقدمتهم ميرا سورفينو، وجون سافاج، وسيد رجب، وعمرو سعد، ومايا طلام، مع ظهور خاص لفنانين بحجم نيللي كريم وفتحي عبد الوهاب وعارفة عبد الرسول، وبالطبع الموهبة الجديدة الواعدة جيسيكا حسام الدين في دور هادية الرئيسي.   أسامة عبد الفتاح