تركت المخرجة مريم جعبر بصمتها في عام 2020، عندما اختير فيلمها القصير “إخوان” لجوائز الأوسكار. وخلال أحداثه تكافح عائلة في شمال تونس مع قرار أبنائها بالانضمام إلى داعش في سوريا. فيلم “ماء العين” هو امتداد لهذه القصة، ويضم طاقم الممثلين نفسه.تعيش عائشة مع زوجها وابنها الأصغر في شمال تونس النائي. يعيشون في خوف بعد أن غادر الابنان الأكبران، مهدي وأمين، للانضمام إلى داعش في سوريا. وبشكل غير متوقع، يعود أحد الأبناء، مهدي، إلى المنزل مع زوجة حامل، مرتدية نقابها بالكامل. تبحث القرية، التي تهتز بسبب العلامات الخارقة للطبيعة التي لا يمكن فك شفرتها، في نظرة المرأة عن الإجابات لفهم أصل الأحداث المخيفة التي أثرت عليها منذ يوم عودة مهدي، ولكن في عيون المرأة لا توجد إجابة.الصراع في قلب الفيلم عالمي وهو صراع مزدوج: من ناحية، يصور فيلم “ماء العين” عذاب حب شخص ما دون أن التمكن من فهمه أو التعرف عليه. يعود الابن الذي كان يُعتقد أنه ضائع إلى المنزل، لكن الإدراك يجهض، شيء ما داخل مهدي انتقل إلى مكان آخر لا يمكن الوصول إليه، لكن حب الأم يسامح ويغفر، دون أن يسأل، دون الحاجة إلى ذلك أو الرغبة في المعرفة. من ناحية أخرى، يعطي شكلًا لمعاناة مهدي وذنبه الهائل، والذي أصبح بفضل شجاعة المخرجة استعارة قوية وعالمية للغاية للعواقب المدمرة للحرب، والتي إذا لم تدمر الأجساد والعقول في الجبهة، فإنها تبيد من خلال مشاعر الذنب التي لا تطاق والتي تستمر، وتسمم الروح، حتى بعد انتهاء الحرب.فيلم روائي جريء، مكثف وأنيق، يتمتع كل عنصر فيه بقيمة سردية، وتصوير سينمائي آسر، ويساهم في خلق جو غامض يقوض اعتمادنا على الحقيقة التجريبية لصالح شيء أكثر إرباكًا وبديهية.تيريزا كافينا